قيل : إن المحبة أصلها من : الصَّفاء ، ذلك أن العرب تقول في صفاء بياض الأسنان ونضارتها: ( حَبَبُ الأسنان ).
وقيل : إنها مأخوذة من الحُباب . وهو الذي يعلو الماء عند المطر الشديد. فكأنَّ غليان القلب وثوراته عند الاضطرام والاهتياج إلى لقاء المحبوب يُشبه ذلك.
وقيل : مشتقة من الثبات والالتزام ، ومنه : أَحَبَّ البعير، إذا برك فلم يقُمْ، لأن المحبَّ لزم قلبه محبوبه .
وقيل : النقيض ، أي مأخوذة من القلق والاضطراب، ومنه سُمى (القرط) حبّاً لقلقه في الأذن ، قال الشاعر :
تبيتُ الحية النّضْناض منه
مكان الحَبِّ تستمع السِّرارا
وقيل : بل هي مأخوذة من الحُبِّ جمع حُبَّة وهي لباب الشيء وأصله ؛ لأن القلب أصل كيان الإنسان ولُبّه ، ومستودع الحُبِّ ومكمنه.
وقيل : في أصل الاشتقاق كثير غير هذا، لكننا نعزف عن الإطالة والإسهاب . ولتعريف الماهية نقول إن الحب هو: الميْل الدائم بالقلب الهائم، وإيثار المحبوب على جميع المصحوب ، وموافقة الحبيب حضوراً وغياباً ، وإيثار ما يريده المحبوب على ما عداه ، والطواعية الكاملة ، والذكر الدائم وعدم السلوان ،
قال الشاعر:
ومَنْ كان من طول الهوى ذاق سُلْوَةً
فإنِّيَ من ليْلى لها غيرُ ذائقِ
وأكثر شيء نِلتـُهُ من وصالها
أَمانِيُّ لم تصدُق كلَمْعةِ بارقِ
أو عمى القلب عن رؤية غير المحبوب ، وصَمَمهُ عن سماع العذل فيه، وفي الحديث الذي رواه الإمام "أحمد" تصديق ذلك، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [حُبُّك الشيءَ يُعْمي ويُصمّ ].
أو الحضور الدائم ، كما
قال الشاعر:
يا مقيماً في خاطري وجَناني
وبعيداً عن ناظري وعِياني
أنت روحي إن كنتُ لستُ أراها
فهي أدنى إليّ من كُلِّ دانِ
وقال آخر:
خيالك في عيني، وذكراك في فمي
ونجواك في قلبي، فأيْن تغيبُ ؟!